[قصة شاب مع الإيدز .
شاب يطرح قصته أمام الجميع ليقرأها الجميع ويأخذوا العبرة منها .
لو أن تلك الفترة من عمري تختفي تبا للطيش وقصر النظر وسحقا للتهور والجهالة كنا للشيطان مطية طيعة نعبر جسر الجهالة للغفلة وما كان في الرفقة عاقل يركن إليه وقد أدركت ذلك متأخرا والثمن باهظ لا أطيق احتماله .
كان نادي الرفقة الحرة كما زينت لنا أهواؤنا تسميته يجعلنا نفتخر بأي عقوبة أو صدام مع والدينا بل ونتفاخر بانتصاراتنا على قيود المجتمع والأسرة وذلك ما كانت توحي لنا به جهالتنا حكنت في السابعه وعشر من عمري وقد كنا نصنع لأنفسنا عالما خاصا ( الشلة ) يعزز كل عضو شعور الآخر بالرجولة وعدم الحاجة إلى الوالدين أو المعلمين ونتباهى في عرض طرائقنا الفظة في صدنا حمائم سلام النصح التي قد نتلقاها وويل لمن يبدي منا توجها للرزانة أو اعتراضا على سلوك مجنون نأتي به أحيانا إذ يصبح الجبان المنبوذ والطفل الذي كنا نطلب منه العودة إلى أمه لإرضاعه كم كنا مفرغين في عالمنا إلا من الهواء نعم فما كان الواحد منا إلا طبلا أجوف لا يحمل أي فلسفة أو قيمة أو طموح وكم أخذتنا العزة بالإثم .
أذكر يوم انضم أحد الأعضاء الى المجموعة وقد كان يكبرنا بعامين فقد بهرنا بأخبار مغامراته وجرأته وبطولاته الساذجة آنذاك وأذكر أنني اضطررت يوم احتفائنا به لإثبات جرأتي ورجولتي كساءر الزملاء وقبلت تجربة أحد الأنواع المخدرتا على نية صادقة بعدم تكرارها ولكن هيهات لقد فرخ الجهل الضرر وجرتنا التبعية والإرادة الضعيفه للحرام ، وجرنا الحرام لحرام فحرام وصرنا جزءا من إعصار العجزوالضياع حتى اضطررت ذات يوم إلى مراجعة الطبيب في أعراض ( الإنفلونزا ) التي طالت علي أسابيع مع بقع من طفح جلدي على جذعي وأذكر أن أشتداد الحمى أجبر والدتي مرافقتي وخضعت للعلاج والفحوصات حتى استقر بنا المقام أمام الطبيب الذي ما إن رأى نتائج الفحص حتى جحظت عيناه وافتر فمه عن فراغ تدفق منه بعد ذلك عصف مدرار من الأسئلة الدقيقة المحرجة يطرحها أمام والدتي ثم أخبرنا بأن مصابي الجلل العظيم إنما هو مرض ( الإيدز ) وسقطت والدتي أرضا وقد تمرد قلبها على حجم المعاناة التي ستعانيها بسببي لاحقا فآثر التوقف وكيف لها أن تتحمل ؟! وعدت أحمل مصيبتين لا أدري أيهما التي تقوم بتمزيق قلبي وفكري ؟ ولم أكن أتوقع حينها أن وقع مصيبتي سيكون الأخف في ما سيحمله مستقبلي المظلم الموغل في إصرار على أن يصنع مني عبرة لمن لم يعتبر .
وأصبح أعراض الفيروس ينشر في جسدي فلم يعد لدي ذرة من جهاز المناعه أصبحت جسدا ينهش به الفيروسات عدة فكل أنواع الأمراض التي تنتشر تصيبنا واكون اول شخص بالإصابة فهاذا ما حل بي من الطيش والجهل وقد أصبت بأكبر مصيبة فالحياة .
إنني أكتب عبارتي الأخيرة وأبتسم فما حاجتي للكلام وأنا منبوذ معزول يشيح عني الجميع بوجوههم ويفرقون لمنظري المغظى بالقروح و .... ؟ ولا ألومهم إنني أعيش نتائج الجهل والفراغ والتبعية غريب كيف ابتسمت وأراني الآن أصارع مخنوقا رغبة شرسة في البكاء ونداء أمي لأدفن وجهي في حضنها طالبا الصفح ؟ قد جعلني الله بمسلكي عبرة وما كتبت قصتي إلا رحمة بالآخرين ولأجنبهم ألوانا من العذاب لا تطاق ومعاناة فوق الاحتمال وخوفا ووحدة وضعفا وهوانا وتضاهي في ألمها شدة ألم الأعضاء جسدي إذ يصرخ الواحد منها ملهوفا مستغيثا من ويل ما هو فيه فيرد استغاثته أنين أعضاء أخرى لا يمكنها ضعفها حتى من طلب الغوث وكأنني بهمسها الواهن يقول : أين الموت مني ؟ أين الموت مني ؟
لا حول ولا قوة الا بالله اللهم عافين بما ابتلى غيرنا يا الله .